السلام عليكم عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك بالتسجيل


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

السلام عليكم عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك بالتسجيل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الإخبات وأثره في بناء شخصية المسلم

اذهب الى الأسفل

الإخبات وأثره في بناء شخصية المسلم Empty الإخبات وأثره في بناء شخصية المسلم

مُساهمة من طرف سالم بقادر الإثنين يوليو 14, 2008 4:48 pm

الإخبات وأثره في بناء شخصية المسلم





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخاشعين، وإمام المتواضعين،، وصفوة الخلق أجمعين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واتبع هديه إلى يوم الدين، وبعد..

فإن الإنسان سريع التأثر بالعوامل المحيطة به سلبًا وإيجابًا، خيرًا وشرًّا، وإن الإنسان شديد التأثر بما يكتسبه من صفات، فقد يكتسب صفات حميدة، فتفيض عليه من خيرها، وتضفي عليه وقارًا وهيبةً وسكينةً، وتجعله في كل يوم يزداد حسنًا وجمالاً، ويكون لها أبلغ الأثر على ظاهره وباطنه.

وقد يكتسب صفات خبيثة، فيكون لها أسوأ الأثر في حياته، فتضفي عليه سلوكيات منحرفة، وأخلاقيات سيئة، فيحيا حياةً شقيةً في الدنيا، وخزيًا وندامةً في الآخرة.

ومن بين هذه الصفات الحميدة: الإخبات، حيث إنه من الصفات، التي يكون لها أبلغ الأثر الطيب في حياة المسلم، وبناء شخصيته، ولسوف نعرض لهذه الصفة على النحو التالي:
* المعنى اللغوي للإخبات.
* التعرف على المخبتين، كما وصفهم القرآن الكريم.
* الأثر التربوي للإخبات في حياة المسلم، وبناء شخصيته.
أولاً: الإخبات في اللغة: يعني التواضع والسكون، والخبت هو المكان المنخفض من الأرض، وبه فسر ابن عباس رضي الله عنهما، وقتادة لفظ "المخبتين" وقالا: هم المتواضعون.

وقال مجاهد: المخبت، المطمئن إلى الله تعالى. قال: والخبت، المكان المطمئن من الأرض. وقال الأخفش: الخاشعون. وقال إبراهيم النخعي: المصلون المخلصون. وقال الكلبي: هم الرقيقة قلوبهم. وقال عمر بن أوس: هم الذين لا يَظلِمون، وإذا ظُلِموا لم ينتصروا.

وهذا المعنى الأخير، يلفت أنظارنا إلى قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (43)﴾ (الشورى).

ثانيًا: المخبتون، كما وصفهم القرآن الكريم:
قال الله تعالى: ﴿.... وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِ الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35)﴾ (الحج)، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23)﴾ (هود).

ومن هنا كانت صفات المخبتين: الخشوع، والخوف، والصبر، على المصائب، والصبر عن المعاصي، والصبر على الطاعات. قال الحسن البصري: والله لنصبرن، أو لنهلكن.

ومن صفات المخبتين: المؤدون فرائض الله تعالى، والمنفقون مما آتاهم الله من فضله من طيب الرزق على أهليهم وأقاربهم وفقرائهم ومحاويجهم، ويحسنون إلى الخلق مع محافظتهم على حدود الله تعالى.

ومن صفات المخبتين: اجتنابهم الآثام والفواحش، وكظم الغيظ، والعفو عمن ظلم، وسرعة استجابتهم لله ورسوله، وأمرهم شورى بينهم، وإذا ظُلِموا لا يَظلِمون، فهم يأخذون بحقهم دون ظُلم للآخرين.

لذلك فإن ابن القيم- رحمه الله تعالى- يقول: إن الإخبات أول مقامات الطمأنينة. أي أن الطمأنينة مقامات، وأول مقاماتها: الإخبات. ومقامات الطمأنينة: السكينة، واليقين، والثقة بالله تعالى.

إن الذي يسير في مقامات الطمأنينة، ليحتاج إلى قوة تدفعه للسير في هذه المقامات، وتجعله في مأمنٍ من التردد والرجوع إلى الوراء. وهذا هو المعنى، الذي وضحه العلامة ابن القيم، حيث قال: لما كان الإخبات أول مقام يتخلص فيه السالك من التردد، الذي هو نوع غفلة وإعراض- والسالك مسافر إلى ربه، سائر إليه على مدى أنفاسه، لا ينتهي مسيره إليه، ما دام نفسه يصحبه- كان حصول الإخبات له، كالماء العذب، الذي يرِدُه المسافر على ظمأ وحاجة في أول مناهله، فيرويه مورده، ويزيل عنه خواطر تردده في إتمام سفره، أو رجوعه إلى وطنه، لمشقة السفر. فإذا ورد ذلك الماء، زال عنه التردد وخاطر الرجوع. كذلك السالك، إذا ورد مورد الإخبات، تخلص من التردد والرجوع، ونزل أول منازل الطمأنينة بسفره وجد في السير.

ثالثًا: أثر الإخبات في بناء شخصية المسلم:
الأثر الأول: أن الإخبات يعصم المسلم ويحفظه من الوقوع في المعاصي، والميل إلى الشهوات. وذلك أن العصمة تغلب الشهوة وتقهرها، وتستوفي جميع أجزائها، فإذا استوفت العصمة جميع أجزاء الشهوة، فذلك دليل على إخباته ودخوله في مقام الطمأنينة، ونزوله أول منازلها.

وأمر آخر: أن المسلم إن استطاع أن يحمي نفسه من الوقوع في المعاصي، ويعصم نفسه من الميل إلى الشهوات، كان قريبًا من الله ورسوله، بعيدًا عن الشيطان وأعوانه. ويتحقق فيه قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾ (المجادلة: من الآية 23).

الأثر الثاني: أن الإخبات يقوي في المسلم الإرادة، بحيث تستدرك هذه الإرادة القوية ما عنده من غفلة. وذلك أن الإرادة عند أهل الطريق اسم لأول منازل القاصدين إلى الله تعالى. والمريد هو الذي خرج من وطن طبعه ونفسه، وأخذ في السفر إلى الله تعالى والدار الآخرة، فإذا نَزَل في منزلة الإخبات، أحاطت إرادته القوية بما عنده من غفلة، فاستدركها المسلم وانتبه وأخذ حذره قبل أن توقعه غفلته في المحذور.

الأثر الثالث: أن الإخبات يربي المسلم على المحبة الصادقة، التي تجعله يقهر كل ما عداها من مغريات الحياة ومسلياتها، بحيث تهوي السلوة، التي تشغله عن محبوبه وتسقط كالذي يهوي في بئر. وهذا القهر للسلوة هو علامة المحبة الصادقة، أن تقهر فيه وارد السلوة، وتدفنها في هوة لا تحيا بعدها أبدًا، وحاصل هذه الدروس والآثار ثلاثة: أن عصمته وحمايته تقهر شهوته، وإرادته تقهر غفلته، ومحبته تقهر سلوته.

الأثر الرابع: أن الإخبات يجعل المسلم ذا عزيمة قوية، بحيث لا يوحش قلبَه عارض، ولا يقطع عليه الطريقَ فتنة. والعارض هو الشيء المخالف، الذي يعترضك في طريقك، أي يكون لك في عُرض الطريق، فيمنعك من مواصلة سيرك. وأقوى هذه العوارض، التي تعترض طريق المسلم، عارض وَحشةِ التفرد، أي أن يشعر المسلم بأنه وحده في الطريق، فيستوحش الطريق، ويطول عليه، فيقطع عليه هذا الفكر طريقه، ويجعله يعود من حيث جاء.

أما الإخبات، فإنه يجعله ذا عزيمة قوية، فلا يؤثر عليه عارض الوحشة والتفرد، حيث إنه يشعر بأنه ليس وحده في الطريق، بل الملائكة من حوله على نفس الدرب القويم، الذي يسلكه، لذلك فإن المسلم لا يلتفت إلى تلك العوارض، كما يقول بعض الصالحين الصادقين: انفرادك في طريق طلبك، دليل على صدق الطلب. وقال آخر: لا تستوحش في طريقك من قلة السالكين، ولا تغتر بكثرة الهالكين.

أما الفتنة التي تقطع عليه الطريق، فهي الواردات، التي تَرِد على القلوب تمنعها من مطالعة الحق وقصده، كحب الدنيا والتعلق بها، أو عدم الإخلاص، وتلوث القلب بالحسد والحقد... إلخ.

فإذا تمكن المسلم من منزل الإخبات، وصحة الإرادة والطلب، لم يطمع فيه عارض الفتنة. وهذه العزائم لا تصح إلا لمن أشرقت على قلبه أنوار آثار الأسماء والصفات، وتجلت عليه معانيها.

الأثر الخامس: أن الإخبات يربي المسلم على الخروج من حظ النفس، وعدم الالتفات إلى مدح الناس وذمهم. وذلك أنه متى استقرت قدم العبد في منزلة الإخبات وتمكن فيها، ارتقت همته، وعلت نفسه عن خطفات المدح والذم، فلا يفرح بمدح الناس، ولا يحزن لذمهم. هذا وصف من خرج من حظ نفسه، وصار قلبه مطرحًا لأشعة أنوار الأسماء والصفات، وذاق قلبه حلاوة الإيمان واليقين.

إن الوقوف عند مدح الناس وذمهم، علامة انقطاع القلب وخلوه من الله، وأنه لم تباشره روح محبته ومعرفته، ولم يذق حلاوة التعلق به، والطمأنينة إليه. ولا يذوق العبد حلاوة الإيمان، وطعم الصدق واليقين، حتى تخرج الجاهلية كلها من قلبه.

يقول ابن القيم- رحمه الله تعالى-: "والله لو تحقق الناس في هذا الزمان من قلب رجل، لرموه عن قوس واحدة. وقالوا: هذا مبتدع، ومن دعاة البدع، فإلى الله المشتكى، وهو المسئول الصبر والثبات. فلا بد من لقائه". قال تعالى: ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى﴾ (طه: من الآية 61)، وقال تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: من الآية 227).

الأثر السادس: أن الإخبات يربي المسلم على عدم الرضا عن النفس، والمداومة على لومها وتأنيبها. والمراد بالنفس هنا، ما كان معلولاً من أوصاف العبد، مذمومًا من أخلاقه وأفعاله، سواء كان ذلك كسبيًّا، أو خلقيًّا. فالمسلم شديد اللائمة لهذه النفس.

قال تعالى: ﴿وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)﴾ (القيامة) قال سعيد بن جبير وعكرمة: تلوم على الخير والشر، ولا تصبر على السراء ولا على الضراء. وقال مجاهد: تندم على ما فات وتقول: لِمَ فعلت؟، ولمَ لم أفعل؟. وقال الفراء: ليس من نفس برة ولا فاجرة، إلا وهي تلوم نفسها، إن كانت عملت خيرًا قالت: هلا زدت؟ وإن عملت شرًّا قالت: ليتني لم أفعل. وقال الحسن: هي النفس المؤمنة، إن المؤمن- والله- ما تراه إلا يلوم نفسه: ما أردت بكلمة كذا؟ ما أردت بأكلة كذا؟ ما أردت بكذا؟. وإن الفاجر يمضي قدمًا ولا يحاسب نفسه ولا يعاتبها. وقال مقاتل: هي النفس الكافرة تلوم نفسها في الآخرة على ما فرطت في أمر الله في الدنيا.

والقصد أن من بذل نفسه لله بصدق، كرِه بقاءه مع النفس، أي أنه يعيش بلا نفس، لأنه يريد أن يتقبلها مَن بُذِلَت له، ولأنه قد قربها له قربانًا. ومن قرب قربانًا فتقبل منه، ليس كمن رُد عليه قربانه، فبقاء نفسه معه دليل على أنه لم يتقبل قربانه. فالنفس جبل عظيم شاهق في طريق السير إلى الله تعالى، وكل سائر لا طريق له إلا على ذلك الجبل، فلا بد أن ينتهي إليه، ولكن منهم من هو شاق عليه، ومنهم من هو سهل عليه، وإنه ليسير على من يسره الله عليه.

وفي ذلك الجبل أودية وعقبات، وشوك ولصوص، يقتطعون الطريق على السائرين ولا سيما أهل الليل المدلجين، فإذا لم يكن معهم عدة الإيمان، ومصابيح اليقين، تتقد بزيت الإخبات، وإلا تعلقت بهم تلك الموانع، وتشبثت بهم تلك القواطع، وحالت بينهم وبين السير.

فإن أكثر السائرين فيه رجعوا على أعقابهم، لما عجزوا عن قطعه واقتحام عقباته. والشيطان على قُلة ذلك الجبل، أي على قمته، يحذر الناس من صعوده وارتفاعه، ويخوفهم منه، فيتفق مشقة الصعود وقعود الشيطان على قُلته، وضعف عزيمة السائر ونيته، فيتولد من ذلك الانقطاع والرجوع. والمعصوم من عصمه الله.

وكلما رقى السائر في ذلك الجبل، اشتد به صياح القاطع وتحذيره وتخويفه، فإذا قطعه وبلغ قُلته، أي قمته، انقلبت تلك المخاوف أمانًا، وحينئذ يسهل السير، وتزول عنه عوارض الطريق، ومشقة عقباتها، ويرى طريقًا واسعًا آمنًا، يفضي به إلى المنازل والمناهل، وعليه الأعلام، وفيه الإقامات قد أعدت لركب الرحمن.

فبين العبد وبين السعادة والفلاح: قوة عزيمة، وصبر ساعة، وشجاعة نفس، وثبات قلب. والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
سالم بقادر
سالم بقادر
مشرف المنتدى الإسلامي

ذكر عدد الرسائل : 155
العمر : 44
البلد : ادرار
الأوسمة : الإخبات وأثره في بناء شخصية المسلم W_taal10
نقاط : 21
تاريخ التسجيل : 14/07/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى